ما هي أحكام الوصية عند المسلمين؟

أهل السنة

كانت الوصية في العهد العثماني خاضعة لأحكام الشريعة الإسلامية، وفاقاً للمذهب الحنفي. ولا تزال كذلك في لبنان بخصوص المسلمين السنيين، أما باقي الطوائف الإسلامية، فإنها لم تحتفظ بهذه الأحكام إلا مع بعض التعديل. فقواعد الوصية الأساسية في المذهب الحنفي أربع، وهي :

1- لا وصية قبل وفاء الديون.

2- لا وصية لوارث إلا أن يجيزها الورثة.

3- لا وصية لأجنبي، أي لغير الوارث، بأكثر من ثلث التركة، إلا بإجازة الورثة.

4- الوصية عقد رضائي، لا يستوجب لانعقاده شكلاً معيناً.

هذه القواعد الأساسية تطبق على أهل السنة .

– باقي الطوائف الإسلامية :

لا تزال القاعدة الأولى من القواعد المذكورة أعلاه تطبق على جميع الطوائف، وأمام جميع المحاكم اللبنانية. أما القواعد الثلاث الباقية، فقد تعدلت كلها أو بقسم منها عند الطوائف الأخرى. قد نتج هذا التعديل عن تطبيق المذهب الجعفري على وصية أهل الشيعة، وعن صدور قانون الوصية ثم قانون الإرث لغير المحمديين في 7 آذار/ مارس 1929، وفي 23 حزيران / يونيو 1959، وصدور قانون الأحوال الشخصية للطائفة الدرزية المؤرخ في 24 شباط / فبراير 1948.

للوصية عن المسلمين شرط، هو الرضى أي الإيجاب والقبول.

وصية المسلم السني والشيعي

الوصية، عند جمهور الفقهاء في الشرع الإسلامي، من العقود الرضائية، التي يكفي الرضى وحده لإنعقادها، من دون أن تكتسي شكلاً خاصاً. فلذا تصح وصية المسلم في لبنان، سواء أكانت شفهية أم خطية. ويمكن إثباتها عند إنكار الورثة البينة الشخصية، أي بشهادة الشهود.

تنظيم صك الوصية في لبنان وتسجيلها يدخل في اختصاص المحاكم الشرعية، وفي مثل هذه الحال، تعتبر الوصية المسجلة نافذة من دون حكم. ولكن التسجيل اختياري، ويجوز دائماً اثبات الوصية الشخصية أو الخطية العادية بدعوى وفقاً للأصول.

وصية الدرزي

هذه الوصية تخضع لأحكام قانون الأحوال الشخصية للطائفة الدرزية الصادر في 24 شباط 1948. وهي فيه على نوعين :

– الوصية المسجلة.

– الوصية غير المسجلة.

الوصية المسجلة :

هي التي تسجل أمام قاضي المذهب، أو احد شيخي العقل، أو أمام من ينتدبه القاضي من رجال الدين. وتسجل الوصية في سجل القاضي، ويوقع الموصي امضاءه في السجل في حضور شاهدين على الأقل، ويوقع الشهود امضاءاتهم. وإذا كان الموصي أمياً، فتؤخذ مصادقته بوضع بصمة إبهامه في السجل، بعد أن يتلو عليه القاضي مضمون الوصية بحضور الشهود. ويجوز إبقاء الوصية مستورة، بوضعها في غلاف يختمه الموصي بالشمع الأحمر، بحضور القاضي وبخاتم المحكمة، ويوقعه مع القاضي وأربعة شهود، ثم ينظم القاضي محضراً بذلك في سجل الوصايا. وبعد وفاة الموصي، يفتح الغلاف. بحضور ذوي العلاقة، وتتلى الوصية بحضورهم، وتسجل في سجل الوصايا، وتحفظ لدى القاضي. ويعطى لذوي الشأن صورة مصدقة عنها. والوصية المسجلة وحدها قابلة للتنفيذ بلا حكم من القاضي.

الوصية غير المسجلة :

لا تنفذّ إلا بعد صدور صدور حكم القاضي بصحتها. وعلى الموصّى له أن يراجع القاضي بطل الحكم بصحة الوصية، في مدة سنتين من تاريخ وفاة الموصي. وإن لم يفعل، سقط حقه بالمطالبة بالوصية. ولا تسري أحكام هذه المدة بحق القاصر والغائب والمعتوه ( والمجنون من باب أولى).

وإذا كان الموصي في بلاد أجنبية، يمكن التصديق على وصيته لدى المرجع الرسمي المختص في تلك البلاد. ولكن لا تنفذ الوصية في لبنان إلا إذا أعطيت الصيغة التنفيذية من قاضي المذهب الدرزي، وفقاً للأصول المتبعة لتنفيذ الأحكام الأجنبية في الأراضي اللبنانية.

أطراف الوصية ، هما : العاقدان.

العاقدان هما الموصي والموصى له. وفيما يلي بيان الشروط المطلوبة من كل منهما :

الموصي

بما أن الوصية من التصرفات المضرة ضرراً محضاً، باعتبارها تبرعاً من دون عوض، فأنها لا تصح إلا إذا كان الموصي بالغاً، عاقلاً، مختاراً، أهلاً للتبرع. فعليه لا تجوز الوصية من الصغير، والمجنون أو المعتوه، والمكره، والمحجور عليه لسفه أو لدين.

وفيما يلي توضيح ذلك :

أولاً : الصغير

وهو لا يملك أهلية الايصاء، سواء أكان مميّزاً أم غير مميّز أم مأذوناً. ولا تجوز وصيته حتى ولو علقها على البلوغ، أما أجازها وليه. وكذلك لا يجوز لأحد من أوليائه أو أوصيائه مباشرتها عنه. لأن التصرفات المضرة ممنوعة عنهم جميعاً. ولكن تصح وصية الصغير المميّز في مسائل تجهيزه ودفنه فقط، لأنها تثبت من دون وصية. وتصح أيضاً وصيته في وجوه الخير في المذهبين الشافعي والجعفري، مع اشتراط الجعفري بلوغه العاشرة من العمر على الأقل.

ثانياً : غير العاقل، كالمجنون والمعتوه

فهو لا يملك أهلية الإيصاء، لا بنفسه ولا بواسطة وليه. ويشترط المذهب الحنفي لهذا البطلان أن يستمر الجنون أو العته ستة أشهر على الأقل.

ثالثا : المكره

وهو المضغوط عليه بدون حق، بحيث يفسد رضاه أو اختياره. فهذا لا تصح وصيته، لأنه لا يملك الرضى الضروري لانعقاد الوصية وسائر العقود والتصرفات.

رابعا : المديون الذي استغرقت ديونه جميع أمواله

فهذا لا تصح وصيته إلا إذا أبرأ الغرماء ذمته، أو إذا أجازوا الوصية. وذلك لأن حق الغرماء كقدم على الوصية.

خامساً : السفيه المحجور عليه

فوصيته باطلة، قياساً على وصية الصغير. ولكنها اعتبرت صحيحة استحساناً في المذهب الحنفي، إذا كانت في سبيل الخير. ولكنها غير صحيحة في المذهبين الجعفري والشافعي.

وأخيراً لا تأثير لمرض الموت في صحة الوصية.

الموصى له

يشترط شرعاً في الموصى له في المذهب الحنفي: الوجود حين الوصية، والوجود حين موت الموصي، وعدم قتل الموصي، وعدم صفة الوارث، وذلك مع التفصيلات والمقارنات الآتية :

أولاً – وجود الموصى له وقت الوصية.

هذا الشرط مطلوب في الموصى له إذا كان معيّناً. فعليه، يجب أن يكن هذا حياً، حقيقة أو تقديراً، وقت الوصية. ومثل الحياة التقديرية أن يكون الموصى له جنيناً، أو أن يكون في أيامنا من فئة الأشخاص المعنويين الذين يحق لهم قبول التبرعات.

أما إذا كان الموصى له غير معين، كالفقراء أو الأيتام مثلاً من دون تعيين آخر. فلا يشترط وجوده عنذ الصية. وسببه أن الوصية في هذه الحالة لا تعتبر عقداً، بل تنعقد بإرادة الموصي المنفردة وحدها من دون اشتراط القبول.

ثانياً – وجود الموصى له حين موت الموصي

إذا مات الموصى له قبل موت الموصي، بطلت الوصية في المذهب الحنفي. أما في المذهب الجعفري، فيعود الموصى به إلى ورثة الموصى له، وإلا فإلى ورثة الموصي الأحياء.

ثالثاً – عدم قتل الموصي

لا تجوز الوصية لقاتل الموصي، ولكن يشترط، في المذهب الحنفي، أن يكون القتل مباشرة، عمداً أو خطأ، وأن لا يجيز الورثة الوصية، أما إذا كان القتل تسبباً، كحفر البئر ووقوع الموصي فيها، أو إذا أجاز الورثة الوصية، أو إذا لم يكن للموصي وارث غير القاتل، أو إذا كان القاتل صغيراً أو مجنوناً، فلا تبطل الوصية.

أما في المذهب الجعفري، فالقول المشهور أن الوصية تصح للقاتل.

رابعاً – عدم صفة الوارث وقت موت الموصي

إذا كان الموصى له وارثاً للموصي، فلا تنفذ الوصية إلا بإجازة باقي الورثة بعد موت الموصي. وإذا كان كان الموصي مليئاً، أي غير مفلس، كان الموصى له الوارث الوحيد، فتصح الوصية له من دون أن تتوقف على إجازة بيت المال.

هذه هي شروط الموصى له. وفيما عداها، تصح الوصية لأي كان، على اعتبار أنها من التصرفات النافعة نفعاً محضاً لجهة الموصى له. فتصح الوصية للصغير، والمجنون، وسائر المحجور عليهم. وبوجه خاص، يصح أن يكون الموصى له حملاً، أو غير معين، أومخالفاً لدين الموصي أو لتابعيته.

الموضوع أو الموصى به

يجب أن يكون الموصى به قابلاً للتملك بعقد من العقود بعد موت الموصي. فعليه يصح أن يكون عيناً، أي مالاً حسياً، أو أن يكون منفعة، أي مالاً غير حسي. ويصح أن تكون للعين عقاراً أو مالاً منقولاً، كما يصح أن تكون المنفعة لمدة معلومة أو مؤبدة.

ويشترط أن يكون الموصى به مباحاً. فعليه، لا يجوز أن يكون الإيصاء تمليك شيء محرم، كوصية المسلم بالخمر، أو كوصية اللبناني بالمخدرات الممنوعة.

ويجوز تعليق الوصية بالشرط أو تقييدها به، إذا كان الشرط جائزاً، فعندئذ تصح الوصية وتجب مراعاة الشرط. أما إذا كان الشرط فاسداً، كارتكاب جريمة ما، فتصح الوصية ويبطل الشرط وحده.

نصاب الوصية

يشترط في الموصى به أن يكون ضمن النصاب الشرعي أو القانوني. ومعنى نصاب الوصية المقدار الشرعي أو القانوني الذي يجوز الايصاء به، أما الغاية منة تحديد هذا النصاب، فهي الالتفات إلى مصلحة الورثة، والمحافظة على حقهم في حد أدنى من التركة.

ولكن لا يجوز للورثة الطعن في تصرفات مورثهم بادعاء أنها تخفي وصية أو هبة، وبالتالي طلب تطبيق النصاب، إلا بعد وفاة المورث، باعتبار أن حقهم في الإرث احتمالي قبل ذلك، ولا يوليهم المصلحة اللازمة لاقامة الدعوى بالاستناد إليه.

ولأجل تحديد النصاب، لا بُد من التفريق بين حالات أربع وهي : وصية المليء (الموسر) الذي لا وارث له غير الموصى له، وصية المفلس، وصية المليء لأحد الورثة، وصية المليء لغير الوارث.

فأحكام الحالتين الأولى والثانية عامة لجميع الطوائف، وفيما يلي توضيحهما :

أولاً – وصية المليء الذي لا وارث له غير الموصى له

إذا كان الموصي مليئاً، أي لا يستغرق ديونه جميع أمواله، ولم يكن له وارث، أو كان الموصى له هو الوارث الوحيد، فأن وصيته، بعد وفاء الديون، تصح بماله كله أو بعضه لمن يشاء، ومن دون حاجة لإجازة بيت المال أو الدولة.

ثانياً – وصية المفلس أو غير المليء

وهو المديون الذي تزيد ديونه على جميع أمواله. فهذا، لا تصح وصيته إلا بإبراء ذمته من قبل الغرماء، أو بإجازتهم الوصية. أما إذا كانت الديون لا تستغرق جميع أمواله، فأن الوصية تنفذ مما يبقى بعد وفاء الديون، ضمن الشروط المسموح بها شرعاً وقانوناً. وسببه قاعدة” لا وصية قبل وفاء الديون”.

هاتان الحالتان حكمهما واحد لجميع الطوائف اللبنانية. أما الحالتان الباقيتان، وهما تتعلقان بوصية المليء لأحد الورثة أو وصيته لغير الوراث، فحكمهما يختلف في لبنان باختلاف طوائفه. فيخضع اللبناني الدرزي لقانونه الخاص، والمسلم السني للمذهب الحنفي، والمسلم الشيعي للمذهب الجعفري. وفيما يلي بيان موجز بكل ذلك.

وصية الدرزي

بمقتضى قانون الأحوال الشخصية للطائفة الدرزية، تجوز الوصية لوارث أو لغير وارث، بكامل التركة أو بقسم منها، من دون تقييد أو تحديد. فإذن، يجوز للموصي أن يحرم ورثته أو بعضهم من حقهم الإرثي، بكامله أو بجزء منه.

ولكن إذا تجوز الموصي بعد الوصية ورزق ولداً، بطلت الوصية. وإذا لم يرزق ولداً، فتنفذ الوصية بعد إعطاء زوج الموصي فرضه الشرعي من التركة. وهذا من باب تفسير نية الموصي المقدرة. وعلى كل، فللموصي أن ينظم وصية جديدة. بعد الزواج أو الولادة، بحيث يتصرف فيها بتركته كما يشاء.

النصاب في المذهب الحنفي

لأجل تحديد نصاب الوصية في هذا المذهب، لا بد من التفريق بين ما إذا الموصى له وارثاً أم لم يكن.

ففي الحالة الأولى، أي في الوصية لأحد الورثة، تطبيق القاعدة الشرعية المبني على الحديث الشريف ” لا وصية لوارث إلا أن يجيز الورثة”. فالوصية تعتبر موقوفة على إجازة الورثة. فاذا أجازوها، صحّت ونفذت. وإلا بطلت، واعتبرت كأنها لم تكن. أما إذا أجازها بعض الورثة وردّها الآخرون، فأنها تنفذ بقدر حصة المجيزين فقط.

ويشترط أن تصدر الاجازة بعد وفاة الموصي في المذهب الحنفي، ولا عبرة للإجازة الصادرة قبل ذلك.

ويعتدّ بصفة الوارث وقت موت الموصي، لا وقت الوصية. ومعنى ذلك أنه لا ينظر في تعيين الورثة إلى يوم تنظيم الوصية، بل إلى وقت وفاة الموصي، فعليه، إذا أوصى رجل لامرأة، ثم تزوجها، وبقيت زوجته حتى وفاته، كان نفاذ الوصية متوقفاً على إجازة باقي الورثة، ولا عبرة لكونها لم تكن وارثة يوم الايصاء. وسببه أن للموصي أن يرجع عن وصيته متى شاء، وأن الوصية لا تلزم إلا بالوفاة وبقبول الموصى له بعد الوفاة.

والحالة الثانية هي وصية المليء لغير الوارث. وهذا الأخير يقال له في الاصطلاح الشرعي ” الأجنبي “، أي الأجنبي عن التركة. فهذه الوصية تصح وتنفذ فقط في ثلث التركة بعد وفاء الديون. فهذا هو نصاب الايصاء الشرعي في هذه الحالة. ولكن يحق للورثة أن يجيزوا الوصية بما يزيد على هذا النصاب. فتنفذ الوصية عندئذ بكاملها، أو بقدر حصة من أجازها من الورثة علاوة على الثلث. ويشتَّرط في الاجازة أن تصدر بعد وفاة الموصي في المذهب الحنفي، ولا عبرة للإجازة السابقة للوفاة.

ولا بد من التذكير بأن نصاب الوصية يحسب بالنسبة لموجودات التركة بعد أن تحسم منها جميع ديون الميت الصحيحة. ويعتبر من هذه الديون مهر المرأة المؤجل، الذي لا حدّ له في قانون حقوق العائلة العثماني، فيدفع لها بعد الطلاق، أو بعد وفاة زوجها بطريق التقديم على أية وصية أو حق إرثي.

ويستثنى من هذه القاعدة المهر المسمّى في مرض الموت. فإذا تزوج رجل في مرض أماته، وكان المهر المسمى مساوياً لمهر مثل الزوجة، تأخذه من تركته، وإن كان زائداً عليه، يجري حكم الوصية على المبلغ الزائد.

النصاب في المذهب الجعفري

هذا المذهب يطبق في لبنان على أهل الشيعة. ففيه تصبح الوصية للوارث ولغير الوارث، ضمن نصاب ثلث التركة، بعد وفاء الديون.وتصح بالزيادة على ذلك، بشرط إجازة الورثة. وبهذا أخذ قانون الوصية المصري، والقانون المدني العراقي، وذلك استناداً إلى الآية الكريمة : ” الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف “.

وتصح الاجازة في المذهب الجعفري بعد موت الموصي أو قبله.

وهكذا، نحن نرى أن المذهبين الجعفري والحنفي اتفقا في تحديد النصاب بالثلث، وفي توقف نفاذ الوصية بالزيادة على إجازة الورثة. ولكن المذهبين اختلفا بأن قال الأول، خلافاً للثاني، بجواز الوصية لوارث، وبصحة إجازة الورثة قبل موت الموصي.

تطبيق نصاب الوصية في الهبة

تختلف الهبة عن الوصية بأنها تبرع بين الأحياء، خاضعة لقواعد عقود التبرع العامة، وهي بهذه الصفة خارجة عن بحثنا.

قال جمهور من الفقهاء بعدم وجود نصاب للهبة كما في الوصية إذا كان الواهب صحيح البدن والعقل. إنما خالفهم الامام الاوزاعي، إذ قال أن الهبة لا تجوز إلا من ثلث أموال الواهب.

فعليه، فأن مجلة الأحكام العدلية، المدونة على المذهب الحنفي، لم تقيّد حرية الواهب بأي قيد ولا بأي نصاب معين. فكانت الهبة فيها تختلف عن الوصية من هذه الناحية.

استحقاق الموصى لهم في العقارات

لا فرق في الشرع الإسلامي بين الأموال المنقولة أو غير المنقولة، من حيث استحقاق الموصى لهم ملكية الموصى به من وقت وفاة الموصي.

أما في القانون اللبناني، ففي المسألة نظر، لأن العقارات والحقوق العينية المتعلقة بها تخضع لنظام السجل العقاري، فالقاعدة العامة فيه أن جميع العقود والأحكام الفعلية والوقوعات، المتعلقة بإنشاء أو نقل أو تغيير أو اسقط الحقوق العينية الواقعة على عقار ، لا مفعول لها حتى بين المتعاقدين، إلا من تاريخ قيدها في السجل العقاري. وقدنص قانون الموجبات، بوجه خاص، على تطبيق هذه القاعدة على عقد التمليك بين الاحياء، أي البيع والهبة والوعد بالبيع أو بالهبة.

ولكن القانون استثنى من هذه القاعدة العامة التمليك بواسطة السلطة القضائية أوالادارية، أو بواسطة الإرث بعد الوفاة.

الرجوع عن الوصية

إن الوصية بطبعها عقد غير لازم مادام الموصي حياً، ,أنه لا يلزم إلا بقبول الموصى له بعد موت الموصي. فلذا كان للموصي أن يرجع عن وصيته أن يغيرها ويبدلها كيف شاء ومتى شاءـ حتى ولو أعلن الموصي له قبولها، لأن قبوله، غير معتبر قبل وفاة الموصي، إلا في المذهب الجعفري. ويمكن الرجوع عن الوصية بكاملها أو بقسم منها.

ويكون الرجوع صراحة، أو دلالة. فالرجوع صراحة ينتج عن كل تصريح يدل على نية الموصي بالرجوع. وإذا كانت الوصية منظمة بشكل رسمي، فيجب عملاُ بالمبادئ العامة أن يكون الرجوع عنها بنفس الشكل الرسمي.

ويمكن أن يكون الرجوع عن الوصية دلالة، أي بصورة ضمنية مستنتجة من كل فعل يدل على قصد الموصي الرجوع عن وصيته. وقد أورد الفقهاء الحنفيون من الرجوع دلالة أمثلة عديدة. منها استهلاك الموصى به في يد الموصي، أو التصرف به لمصلحة الغير بوصية لاحقة متنافية مع الأولى أو بالبيع أو الهبة، أو خلطه يفيره بحيث يصعب تمييزه. ومنها الفعل الذي يزيل اسم الموصى به أو يغيّر معظم صفاته.

سقوط الوصية

تسقط الوصية وتعتبر باطلة في بعض الحالات. وهي موافقة لما نص عليها الفقهاء في المذهب الحنفي، وللمبادئ العامة المقررة فيه. وأسباب السقوط هي :

أولاً – وفاة الموصى له قبل الموصي.

وتعليله أن الوصية من عقود التبرع التي ينظر فيها إلى شخص الموصى له بالذات. فإذا مات الموصى له قبل موت الموصي، بطلت الوصية، لأن نية الموصي انهدرت بوفاة الموصى له. فإذا أراد الايصاء لورثة الأخير، فعليه أن يوصي لهم بذلك صراحة.

ثانياً – وفاة الموصى له قبل تحقق الشرط المعلق عليه انفاذ الوصية إذا كانت نية الموصي أن لا يعمل بالوصية إلا إذا تحقق الشرط أثناء حياة الموصى له.

ثالثاً – رد الموصى له المال الموصى به.

ويشترط لسقوط أن يكون ردها بعد موت الموصي، ولكن قبل قبولها، كذلك في المذهب الجعفري، فان رد الوصية بعد الموت وبعد القبول لا يبطل الوصية، ولكن يبطلها إذا كان قبل الموت أو إذا كان بعد الموت ولكن قبل القبول.

رابعاً – عدم أهلية الموصى له للحصول على المال الموصى به.

خامساً – هلاك الموصى به بكامله قبل وفاة الموصي.

أما هلاكه الجزئي، فيعد اسقاطاً جزئياً للوصية.

وعلاوة على هذه الأسباب، توجد أسباب لبطلان الوصية من أجل عيب أصلي لحق بها وقت انشائها، كالإكراه، وفقدان السبب، وعدم مراعاة الشكل، وما أشبه.

أثر الرجوع والسقوط

عند سقوط الوصية أو بطلانها أو الرجوع عنها، يعود الموصى به إلى من كان يؤول اليه لو لم توجد هذه الوصية.